القاهرة - ما بين مارس 1954 ومارس 2012 أحداث تكاد تتشابه، دفعت بعض خبراء التاريخ والقانون الدستورى لتوقع سيناريوهات متقاربة، والبعض الآخر توقع اللجوء للشعب، لعدم تكرار هيمنة «العسكر» من جديد وإصدار الدستور، ولكنهم اجتمعوا على إمكانية حل جماعة الإخوان المسلمين، بعدما فقدت أنصارها فى الشارع ولم يبق معها إلا كوادرها فقط.
فى يوم 28 مارس 1954 خرجت مظاهرات تهتف بسقوط الديمقراطية والأحزاب، ودارت مظاهرات حول البرلمان والقصر الجمهورى ومجلس الدولة، وكررت هتافاتها ومنها «لا أحزاب ولا برلمان»، «تسقط الديمقراطية.. تسقط الحرية»، وفى مساء اليوم التالى 29 مارس اقتحم المتظاهرون مقر مجلس الدولة فى الجيزة، واعتدوا على رئيسه الدكتور عبدالرزاق السنهورى، وذلك بعد أحداث متعاقبة طوال الشهر، أهمها قرار مجلس قيادة الثورة فى 5 مارس، اتخاذ الإجراءات لعقد جمعية تأسيسية، يتم انتخابها بطريق الاقتراع المباشر، على أن تجتمع خلال يوليو وتكون مهمتها مناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره.
وجاء الحدث الثانى الأكثر أهمية فى هذا الشهر، وهو قرارات مجلس قيادة الثورة فى 25 مارس، الخاصة بالسماح بقيام الأحزاب، وألا يؤلف المجلس حزبا، ولا حرمان من الحقوق السياسية حتى لا يكون هناك تأثير على الانتخابات، حراً مباشراً، وحل مجلس الثورة فى 24 يوليو من العام نفسه، باعتبار الثورة منتهية، وتسليم البلاد لممثلى الأمة، على أن تنتخب الجمعية التأسيسية رئيس الجمهورية بمجرد انعقادها، وكان قد سبق هذا قرار المجلس بحل جماعة الإخوان المسلمين.
واعتبر الدكتور ثروت بدوى، أستاذ القانون الدستورى، أن ما حدث فى مارس 54 لن يتكرر فى الوقت الحالى، ولا وجه للمقارنة بينهما، على اعتبار أن ثورة يناير شعبية بمعنى الكلمة، للخلاص من نظام سياسى فاسد، مشيرا إلى أن ضباط حركة الجيش عام 52 استعانوا بالإخوان المسلمين، لفترة محدودة، بعد إلغاء الأحزاب السياسية، ثم انقض عليها عام 54 بوسائل متعددة، وهو غير كائن الآن.
وقال «بدوى» إن الجيش خلال العام الماضى، لم يتفق مع الإخوان المسلمين، وإنما حاول الظهور بالتعاون مع ثوار يناير، وكان هذا ظاهريا فقط، واستطاع بذلك اكتساب بعض التأييد الشعبى، ولكنه ظهر تدريجيا أنه ضد الثورة، بعد سلسلة الاعتقالات والمحاكمات الشعبية والقمع الوحشى للمظاهرات، ولم يجد سبيلاً إلا التحالف مع الإخوان، مؤقتاً، وحينما بدأ الإخوان المسلمون فى الظهور على حقيقتهم ويفقدون شعبيتهم وبدأ الخلاف بين الإخوان والمجلس العسكرى.
وأكد الدكتور المؤرخ عاصم الدسوقى، أن الإخوان لم يتعلموا شيئا خلال المرحلة الماضية، متوقعا أن تتكرر أحداث 54 بعد النظر فى الطعون ضد اللجنة التأسيسية، وإصدار قرار ببطلانها، واستكمال حكم العسكر خلال المرحلة المقبلة، بسبب عدم «صبر» بعض القوى الثورية على انتهاء المرحلة الانتقالية، وهو سيناريو 54 نفسه، بعدم الصبر على وضع الدستور، أثناء المرحلة الانتقالية التى كانت محددة وقتها بـ3 شهور. وقال «الدسوقى» إن الإخوان كرروا سيناريو 54، بإثارة القلاقل وهو ما حدث فى المظاهرات الأخيرة، وهو ما ذكره أنطونى إيدن، رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، فى مذكراته، بأن بلاده كانت تعتمد على الإخوان فى إثارة القلاقل حتى تكون حجة فى إيقاف مفاوضاتها مع مجلس قيادة الثورة، للاتفاق على الجلاء.